السؤال
السلام عليكم
        كيف حالك شيختي الفاضلة 

هل واقعة خروج أمهات المؤمنين وهن الأورع مع بعض الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأداء العمرة صحيحة ؟ 
وهل يجوز الاستدلال بها في السفر في العمرة بدون محرم وخاصة أنها ليست العمرة الواجبة ؟

لأن الأمر مثار نقاش مع صديقات
الاجابة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته 
     إلى الأخت الكريمة صاحبة السؤال 
     الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد : 
    اختلف أهل العلم في جواز سفر المرأة للحج أو غيره من غير محرم ومن قال بعدم جواز سفر المرأة من غير محرم  احتجوا بأدلة صحيحة  منها قول النبي صلي الله عليه وسلم ( لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ) رواه البخاري ومسلم وهذا مذهب الحنفية والحنابلة  . وأجاز بعض أهل العلم  من المالكية والشافعية سفر المرأة خاصة للحج من غير محرم واشترطوا لذلك شروطا كأن يكون سفرها مع صحبة آمنة ومع مجموعة من النساء الثقات. واحتجوا على ذلك بحديث عدي بن حاتم -حديث الظعينة -رواه البخاري    وأيضا عضدوا بعضهم مذهبهم بجواز سفر المرأة للحج من غير محرم بما  أخرج  البخاري رحمه الله (1860) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أذن لأزواج النبي صلي الله عليه في آخر حجة حجها فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم أجمعين . 
  وقد أجاب من قال بالتحريم علي أدلة المبيحين أما جوابهم عن حديث الظعينة فقد ذكرناه مفصلا في رسالة سابقة جوابا لسؤال هل يجوز للمرأة سفر العمرة من غير محرم . وهنا نذكر جوابهم علي استدلالهم  بحج أمهات المؤمنين زمن عمر بإذن عمر رضي الله عنهم أجمعين .  
أولا : من المعلوم في القواعد الأصولية أن فعل الصحابي أو بعض الصحابة أو قوله ليس بحجة إلا أن يكون إجماعا ولم يثبت أبدا إجماع على هذه المسألة بل من نقل إلينا قولهم بجواز حج المرأة من غير محرم من الصحابة لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة منهم عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وابن عمر رضي الله عنهما. 
ثانيا :  ليس في الحديث المذكور تصريح بأنه لم يكن معهن محرم  بل يبعد جدا أن لا يكون معهن أحد من محارمهن مع كثرة المسافرين للحج معهن من المدينة فالغالب أنه لن يخلو الأمر من أخ أو جد أو خال أو عم أو أحد المحارم من الرضاعة وقد كانت الرضاعة كثيرة ومنتشرة في ذلك الوقت .    
ثم علي فرض أنه لم يكن معهن محرم فهذا اجتهاد منهن واجتهاد الصحابي ليس بحجة ولا يقبل إذا خالف نصا صحيحا . 
قال الصنعاني في سبل السلام (930/2) ( ولاوتنهض حجة علي ذلك لأنه ليس بإجماع )  
وأجاب أبو حنيفة رحمه الله على ذلك بجواب قال : كان الناس لعائشة محرما فمع أيهم سافرت فقد سافرت بمحرم وليس الناس لغيرها من النساء كذلك ) عمدة القاري (220/10) 
إلا أن جواب أبي حنيفة غير مسلم به لأن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في مقام أمهات المؤمنين في تحريم النكاح وليس في المحرمية وإلا لو كان في المحرمية لجاز لهن خلع الحجاب أمامهم والخلوة بهم ونحو ذلك وذلك لم يقل به أحد . قال ابن تيمية : في منهاج السنة 207/4) عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إنهن أمهات المؤمنين في التحريم دون المحرمية ) انتهي . وعليه فالراجح انه لا يجوز رد الآحاديث الصحيحة الصريحة بما يستنبط  من بعض أفعال الصحابة فهم رضي الله عنهم ليسوا بمعصومين وفعل بعضهم أو قوله ليس بحجة  بل الحجة في السنة المطهرة الصحيحة هذا هو المعروف عند أهل العلم وهو المجمع عليه . وأيضا للشيخ ابن عثيمين رحمه الله جواب علي هذه المسألة قال 
إذا قال قائل هذا الحجيج ليس فيه أن معهن محرما فهل يقال هذا خاص بزوجات النبي صلى الله عليه وسلم لأنهن أمهات المؤمنين ليس بمحرمية ولكن باحتمال . 
أو يقال المحرم هنا مسكوت عنه وأرسل معهن هذان الصحابيان الفاضلان مع المحارم ؟ الأول محتمل والثاني محتمل فإذا أخذنا بالقاعدة أن  يحمل المتشابه علي المحكم ماذا نقول ؟
الجواب : نقول بالإحتمال الثاني ونقول لابد أن محارمهن معهن لكن جعل معهن هذان الصحابيان الجليلان تشريفا وتعظيما لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن ) انتهي شرح كتاب الحج من صحيح البخاري ( شريط رقم 19 الوجه الثاني) 


logo