السلام عليكن ورحمة الله وبركاته. إلي الأخت الكريمة صاحبة السؤال الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد : ذهب أكثر أهل العلم من المذاهب الأربعة وغيرهم إلي تحريم قراءة القرآن للجنب ولو دون مس للقرآن
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ( فإن الأئمة الأربعة متفقون علي منعه من ذلك ) انتهي من مجموع فتاوى ابن تيمية ( 344 /21)
وقد ورد النهي عن قراءة القرآن للجنب عدد من الأحاديث كلها لاتخلو من ضعف ومقال وأقربها للصحة حديث علي ابن أبي طالب انه قال ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة ) يعني غير الجنابة وفي لفظ ( لايحجزه عن القرآن شيء إلا الجنابة ) والحديث صححه بعض أهل العلم منهم الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن عبد البر وحسنه الحافظ ابن حجر ومن المتأخرين الشيخ أحمد شاكر والعلامة ابن باز رحمهم الله جميعا .
ولكن الحديث مداره علي راو وهو عبد الله بن سلمة المرادي وهو الراوي عن علي رضي الله عنه وقد وثقه بعضهم وضعفه آخرون والراجح فيه كما قال الحافظ أنه صدوق قد تغير حفظه بآخر عمره وقد قال شعبة وغيره من علماء الحديث أن هذا الحديث من آخر رواياته أي أنه رواه بعد تغير حفظه . وقد سلك بعض العلماء مسلك أن الحديث حسن لغيره لأنه قد تقوي بغيره من الأحاديث الضعيفة . قالوا ويؤكد لنا هذا ثبوت تحريم القراءة للجنب عن خمسة من كبار الصحابة وعن كثير من التابعين وعن عامة العلماء من بعدهم .
وذهب الألباني رحمه الله في تمام المنة وقبله كثير من الأئمة إلي تضعيف الحديث .
وذهب أهل الظاهر إلي جواز قراءة القرآن للجنب واحتجوا بما صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله علي كل أحيانه ) رواه مسلم . فقالوا والقرآن أفضل الذكر فيجوز أن يقرأ في كل حال .
فقال من يصحح الحديث نعم يجوز كل الأذكار من غير طهارة غير القرآن فهو يحرم علي الجنب قرأته لصحة الحديث .
وقال المجيزون لقراءة القرآن للجنب إن حديث ( لم يكن يحجبه عن القرآن شيء غير الجنابة ) إنما هو حكاية فعل وليس فيه دليل علي التحريم . وأجيب عن ذلك بأن ذلك يصح لو كان النص أنه صلي الله عليه وسلم لم يقرأ وهو جنب ولكن الذي ورد في الحديث ( انه كان يخرج من الخلاء فيقرا القرآن ويأكل معنا اللحم ولم يكن يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة ) فعلم انه كان يقرأ دون طهارة إنما الحاجز له من القراءة فقط الجنابة فعلم أن الجنابة هي المانع من القراءة وهو دليل التحريم .
وقد أفتى عامة أهل العلم قديما بالتحريم .
وكذلك عامة المتأخرين منهم الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين وعلماء اللجنة الدائمة وغيرهم من الأكابر .
لذلك اختي الكريمة وإن كان الحديث عند البحث الحديثي نعلم أنه ضعيف لوجود العلة مفسرة مبينه وهو تغير حفظ الراوي عن علي رضي الله عنه فى آخر عمره وهذا الحديث مما راوه أخر عمره كما بين الإمام شعبة وغيره من الأكابر
إلا أن الحيطة والورع تقتضي ترك القراءة حال الجنابة إلا أن تكون آية أو آيتين في معرض إحتجاج بدليل ونحوه كما ثبت جواز قراءة الآية والآيتين عن ابن عباس رضي الله عنه