صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث عبادة بن الصامت ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنه وغيرهما انه قال ( الذهب بالذهب مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربي ) رواه مسلم وأحمد فإذا أراد إنسان أن يبيع ذهبا علي صائغ بذهبية آخر أو علي غيره فلابد أن يكون الذهب متماثلا متساويا وزنا بوزن مثلا بمثل ويكون التقابض يدا بيد
فإن لم يكن الذهب متماثلا ومتساويا باع ذهبه بنقد ثم بعد قبض النقد يشتري منه أو من غيره ما شاء من الذهب فإذا باع ذهبا بذهب وأخذ الفرق بينهما فإن كان هذا الفرق في مقابلة زيادة الذهب فقد اختلف في جواز ذلك أهل العلم فقال شيخ الإسلام ابن تيمية بجواز أن تبيع حليا زنته عشرون مثقالا بحلي زنته خمسة وعشرون مثقالا وتجعل مع النقص دراهم تقابل خمسة مثاقيل زائدة علي العشرين ويقول إن هذا لا ينافي قول النبي صلى الله عليه وسلم ( الذهب بالذهب مثلا بمثل لأن هنا نجعل الدراهم في مقابلة الزائد وهو خمسة مثاقيل وجعل عشرين مثقالا في الخمسة والعشرين يقابل العشرين مثقالا التي معها الدراهم ويتحقق بذلك ما أوجبه النبي صلى الله عليه وسلم من كون الذهب مثلا بمثل والمشهور من مذهب الحنابلة أن ذلك لا يجوز وقالوا إن عموم الحديث مثلا بمثل يشمل هذه الصورة -أي أنها صورة محرمة -وهذه الصورة لا شك أن فيها زيادة في أحد الجانبين من غير الجنس ( الدراهم الزائدة ) وزيادة من الجنس (جرامات الذهب لزائد ) في الطرف الآخر فقالوا أنها صورة محرمة ولا شك أن الأحوط أن يبيع ذهبه بدراهم ويقبض الثمن ثم يشتري الذهب الذي يريد شراءه ولكن لا يجوز أن يكون هناك مواطأة أو اتفاق بين البائع والمشتري أنه يبيع عليه ويشتري منه فإن هذا يكون حيلة .
وأيضا قال ابن تيمية بجواز بيع ذهب بذهب متفاضلا لأجل الصنعة أو متماثلا مع دفع قيمة زائدة لأجل الصنعة
وهذه المعاملة محرمة عند جماهير العلماء ومذهب جماهير العلماء في هذه المعاملة هو الصواب بلا شك
قال ابن عبد البر رحمه الله ( والسنة المجمع عليها انه لا يباع شيء من الذهب عينا كان أو تبرا أو مصوغا أو نقرة أو رديئة بشئ من الذهب إلا مثلا بمثل يدا بيد وكذلك الفضة ........ فمن زاد أو نقص في شيء من ذلك كله أو أدخله نظرة -أي أجل الثمن أو المثمن -فقد أكل الربا .
وقال ابن عثيمين رحمه الله ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد ) وثبت عنه أنه قال من زاد أو استزاد فقد أربي ....
ومن هذه الأحاديث نأخذ أن ما ذكره السائل من تبديل ذهب بذهب مع إضافة أجرة التصنيع لأحدهما أنه أمر محرم لا يجوز وهو داخل في الربا الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم
والطريق السليم في هذا أن يباع الذهب الكسر -المستعمل- بثمن من غير مواطأة ولا اتفاق وبعد أن يقبض صاحبه الثمن يشتري الجديد والأفضل أن يشتري الجديد من مكان آخر فإن لم يجد ورجع إلى من باعه عليه واشترى بالدراهم وإذا زادها فلا حرج المهم ألا تقع المبادلة بين ذهب وذهب مع دفع الفرق ولو كان ذلك من أجل الصناعة .
وفي ضوء ما سبق فإن المعاملة التي قامت بها الأخت الراجح أنها معاملة محرمة وهي ربا
وطريق التخلص منها أولا التوبة الصادقة إلى الله تعالى إن كانت عالمة بالتحريم وإن كانت تجهل التحريم فإن عليها التوبة من التقصير في طلب العلم ثم فسخ هذه المعاملة وهي أن ترد للبائع سلعته وتسترد هي سلعتها وما دفعته من ثمن وقد نقل ذلك ابن المنذر رحمه الله عن علماء الأمصار أن من باع الذهب بالذهب متفاضلا فقد أربي والبيع مفسوخ ذكره النووي في شرح المهذب .
فإن عجز عن ذلك أو أبى البائع الرد فلا شيء عليها إن شاء الله تعالي وتكفيها التوبة