إلى الأخت الكريمة صاحبة السؤال عن صحة حديث عائشة رضي الله عنها وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لها إن وافقت ليلة القدر أن أقول ( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفو عني )
الجواب : الحديث رواه أحمد وابن ماجه والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح . وهو حديث إسناده صحيح رجاله رجال الشيخين
وصححه النووي في كتاب الأذكار وفي كتاب المجموع وصححه الألباني رحمهم الله جميعا في السلسلة الصحيحة وفي صحيح ابن ماجه . أما قول الدارقطني أن عبد الله ابن بريدة لم يسمع من عائشة وتابعه علي ذلك البيهقي فهو مبني علي شرط البخاري وشيخه علي ابن المديني من اشتراط اللقى ولو مرة واحدة بين الراوي والمروي عنه وهذا ليس شرط مسلم وليس شرط جمهور المحدثين فإنه إذا كان الراوي ثقة مأمون ولا يعرف عنه الإرسال ولا تدليس
فإنه يكتفي بمطلق المعاصرة أي أنه يمكن نظرا لسن الراوي وقت الأداء والمروي عنه أن يكون قد لقيه حتي وإن لم يثبت وجودهما في بلد معين واحد
وهنا : فإن عبد الله بن بريدة قد عاصر عائشة رضي الله عنها وروي عن أبيه وعن عمران بن حصين وعن سمرة بن جندب وعن ابن عمر وروايته عنهم ثابتة في الصحيح غير منكرة ومن هؤلاء من تأخر وفاته عن عائشة رضي الله عنها توفيت رضي الله عنها سنة 57 هجري كما قاله ابن حجر
وعبد الله مكث في المدينة وقد كانت بها عائشة رضي الله عنها وشهد مقتل عثمان رضي الله عنه وكان سن عبد الله عشرين سنة وبعدها خرج أبوه به وبأخيه من المدينة وهنا تحققت المعاصرة بين الراوي ( عبد الله ) والمروي عنه ( عائشة رضي الله عنها ) ووجدت قرائن أخر وهي وجوده في المدينة التي بها عائشة رضي الله عنها وقت الأداء ( أي السن المناسب الذي يؤدي فيه الراوي ما يسمع )
مع ما علم عن عبد الله بن بريدة من الدين والصيانة والورع والعلم والفقه ولم يعلم عنه تدليسا
فلا شك أنه مع هذه القرائن قد زاد علي شرط مسلم وهو مطلق المعاصرة إلى ما يقرب من شرط البخاري رحمه الله من اشتراط ثبوت اللقى
أما أن قولهم أن النسائي قال أنه لم يسمع من عائشة فما علمته أن النسائي ذكر طريق للحديث وعن عبد الله بن بريدة : أن عائشة قالت يا رسول الله ........فقال النسائي مرسل ويقصد النسائي ( أن ) وليس (عن ) يوضح ذلك أن النسائي روي الحديث من عشر طرق كلهم عن ابن بريدة عن عائشة فلم يذكر مرسل إلا من الطريق الذي قال فيه عبد الله : أن عائشة قالت وليس باقي الطرق التي ذكر فيها العنعنة
وقد تلقي العلماء هذا الحديث بالقبول واحتج كثير منهم علي ثبوت اسم الله ( العفو) بهذا الحديث ويعلم أن أسماء الله وصفاته لا تثبت إلا بما يصح
والدارقطني وإن كان هو إمام المتقدمين في العلل ونقد الرجال ولكن ذلك لا يمنع من النظر في كلام من سواه من الأئمة والتأني في الحكم أما قولهم ليس كل حديث صححه الألباني يؤخذ به فمن المعلوم أن الألباني وكذلك غيره من المتقدمين علي واسع علمهم هم بشر يصيبون ويخطئون فمن كان عنده أهلية النظر في علم مصطلح الحديث فليراجع كلامهم جميعا ومن كان مقلد فلا يسعه إلا أن يقلد عالما دينا جليلا ثقة في هذا العلم ويحذر من تفرده إن تفرد دون سائر علماء هذا العلم