الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وآله وصحبه وبعد:
اختلف أهل العلم في هذه المسألة فنذكر ذلك وأدلتهم بإختصار
القول الأول وهو التحريم : وهو قول في مذهب الحنفية والمالكية والشافعي ورواية عن الأمام أحمد وقال بها ابن تيمية وابن القيم والشيخ ابن باز وغيرهم حجتهم
حديث لابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لعن الله زائرات القبور ) ضعفه الألباني في ضعيف الجامع
والحديث الثاني عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لعن الله زوارات القبور ) صححه الألباني في إرواء الغليل
قالوا فحديث رسول الله صلي الله عليه (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة ) وهو حديث صحيح فهذه الإباحة بعد النهي تختص بالرجال وللنساء علي التحريم لما سبق من الأدلة
والقول الثاني : وهو الكراهة وعليه جمهور الشافعية وهو المذهب عند الحنابلة وقول عند بعض الحنفية وبعض المالكية وأدلتهم
حديث أم عطية (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا ) فقد فهمت أم عطية رضي الله عنها أن النهي في اتباع الجنائز ليس نهي تحريم والزيارة مثلها مثل اتباع الجنازة لأن من أتبعت فقد وصلت للقبور
والقول الثالث : الإباحة (الجواز )
وهو الصحيح في مذهب الحنفية وقال به بعض الشافعية عند أمن الفتنة واستدلوا منها
الأول حديث ( إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الأخرة ) صحيح قالوا فهو عام للرجال والنساء ما لم يثبت التخصيص وحديث ( لعن الله زوارات القبور ) فهو كما قال القرطبي والقاري هذا اللعن إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه من تضييع حق الزوج وما ينشأ من صياح ونحو ذلك فقد يقال (والكلام مازال للقرطبي ) إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء قال الشوكاني وهذا القول هو الذي يجب إعتماده في الجمع بين الآحاديث المتعارضة في الظاهر
وقال الحافظ بن حجر والرخصة تدخل فيها النساء قال وهو قول الأكثر ومحله إذا أمنت الفتنة
ويؤيد هذا الجواز أدلة منها حديث أنس أن رسول الله صلي الله عليه مر بإمرأة تبكي عند قبر فقال لها (اتقى الله واصبري ) فإنه صلي الله عليه وسلم لم ينكر علي المرأة قعودها عند القبر وتقريره حجة
وممن فهم الأذن بزيارة القبور عام للرجال والنساء عائشة رضي الله عنها أنها زارت قبر أخيها فقال لها ابن أبي مليكة أليس قد نهي صلي الله عليه وسلم عن زيارة القبور قالت نعم كان نهي ثم أمر بزيارتها (صححه الألباني
ويؤيد الإباحة أيضا حديث عائشة عند مسلم أنها سئلت رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا تقول-إذا زارت القبور - فقال لها صلي الله عليه وسلم قولي ( السلام علي أهل الديار .......
وأجاب عن هذا الحديث بأنه صلي الله عليه وسلم علمها ما تقول لأنها إذا مرت علي القبور تدعو ولكن لا ٦تقصد إلي الزيارة
وبالجملة الراجح لو صح حديث لعن الله زائرات القبور يكون حجة في تحريم الزيارة علي النساء وتخرج النساء من عموم الإذن بالزيارة الثابت في الحديث وبعد ذلك يكون كل حديث في الإباحة مردود عليه ولكن هذا الحديث ضعفه الشيخ الالباني وهو محدث هذا الزمان وحديث (لعن الله زوارات القبور ) إنما اللعن يقع علي كثيرات الزيارة لأن ذلك مفض لأمور من المحرمات
فيباح ان تزور المرأة القبور نادرا للتذكرة مع البعد عن كل ما حرم الله من تبرج أو نياحة أو فعل بدعة وما أكثرها وعلى من تعلم في نفسها قلة صبر وضعف نفس من تذكر غالي لديها فيؤدي ذلك لبكاء شديد أو معصية لله تعالي أن تترك الزيارة وتحرم الزيارة في حقها وبالجملة الزيارة للنساء مكروهة لما تفضي إليه من محرمات
التنبيه الأخير أنه لا يجوز السفر لزيارة القبور حتي إن كان قبر الوالدة رحمها الله لأنه قد ثبت في الحديث الصحيح (لا تشد الرحال - يقصد السفر - إلا لثلاثة مساجد المسجد الحرام ......) فإذا كان القبر في مكان تسافر إليه فهو محرم بيقين