رقم الفتوى : 586
تاريخ النشر : 20-05-2023
المشاهدات : 605
السؤال
السلام عليكم 
أرجو معرفة الرد المناسب على هذه الرسالة.إذا تكرمتم ...
👇👇

البوست ده في نظري اهم بوست قريته في حياتي ..

لفهم كيفية عمل القدر  

محتاج فنجان قهوة و قراءة بتركيز ... 

القَدَر يتكلم على لسان الخضر عليه السلام .

كيف نفهم القدر؟!..

لعل أحد أكثر الأسئلة التي تدور في أذهان المسلم خاصة.. هو ما يعرف فلسفيا باسم سؤال الشر.. وهو بكل بساطة.......... 

لماذا خلق الله الشر والفقر والمعاناة والحروب والأمراض؟ لماذا يموت الأطفال في سورية؟ لماذا يموت الأطفال جوعا في افريقيا؟
 أليس الله هو الرحمن الرحيم؟ فكيف يمتلئ الكون بكل هذه المآسي؟ 
طبعا سيكون من الرائع لو تمكننا من فهم تلك المتناقضات التي ترهق أرواحنا.. ومع أن هذا يبدو مستحيلا الآن.. 

إلا أن هذا فعليا قد حدث.. قبل ثلاثة وثلاثين قرنا من الان،
كان نبي الله موسى لديه كما لدينا الكثير من الأسئلة الفلسفية.. ليس أقلها رؤية الله (رب أرني أنظر إليك.. ) لكن الأهم على ما يبدو وموضوعنا اليوم هو عندما سأل موسى ربه عن القدر.. وكيف يعمل.. وهي بالذات عين أسئلتنا اليوم.. فطلب منه الله عز وجل أن يلاقي الخضر عليه السلام.. والحقيقة التي يجب أن تذكر هنا.. أن الأدبيات الإسلامية تسطح مفهوم الخضر وتختزله في صفة ولي من أولياء الله........... 
في حين أنه الحقيقة أن الخضر عليه السلام يمثل القدر نفسه.. يمثل يد الله التي تغير أقدار الناس.. والجميل أن هذا القدر يتكلم.. لذلك نحن الآن سنقرأ حوارا بين نبي (بَشَر) مثلنا تماما.. لديه نفس أسئلتنا.. وبين قدر الله المتكلم.. ولنقرأ هذا الحوار من زاوية جديدة..
أول جزء في الحوار كان وصف هذا القدر المتكلم .. آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما.. أي أنه قدر رحيم وعليم.. وهذا أصل مهم جدا.. ثم يقول سيدنا موسى عليه السلام(بشر)...... "هل أَتَّبِعُكَ على أن تُعَلِّمَنِي مما عُلِّمْتَ رُشْدَا".. يرد القدر......
 "إنَّكَ لن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرَا وكيف تَصْبرُ على ما لم تُحِطْ به خُبْرَا.. "............. 
جواب جوهري جدا........ 
فهم أقدار الله فوق إمكانيات عقلك البشري...... ولن تصبر على التناقضات التي تراها..............
 فيرد موسى عليه السلام بكل فضول البشر....... 
"ستجدني إِنْ شَاءَ اللهُ صَاِبراً ولا أَعْصِي لَكَ أمرا".. ويرد القدر 
"فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا".. ويمضي الرجلان.. ويركبا في قارب لمساكين يعملون في البحر.. ويقوم الخضر بخرق القارب.. وواضح تماما أن أصحاب المركب عانوا كثيرا من فعلة الخضر.. لأن موسى تساءل بقوة عن هذا الشر كما نتساءل نحن.. "أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا.. لقد جِئْتَ شَيْئَا إمرا".. عتاب للقدر تماما كما نفعل .. أخلقتني بلا ذرية كي تشمت بي الناس؟ أفصلتني من عملي كي أصبح فقيرا؟ نفس الأسئلة.. يسكت الخضر ويمضي.. طبعا الشاهد الأساسي هنا أن أصحاب المركب عانوا أشد المعاناة.. وكادوا أن يغرقوا.. وتعطلت مصلحتهم وباب رزقهم.. لكن ما لبثوا أن عرفوا بعد ذهاب الخضر ومجىء الملك الظالم أن خرق القارب كان شرا مفيدا لهم..... 
لأن الملك لم يأخذ القارب غصبا..
نكمل.. موسى لا زال في حيرته.. لكنه يسير مع الرجل (القدر) الذي يؤكد لموسى.. "ألم أقل لك أنك لن تستطيع معي صبرا؟" ألم أقل لك يا إنسان أنك أقل من أن تفهم الأقدار.. يمضي الرجلان.. ويقوم الخضر الذي وصفناه بالرحمة والعلم بقتل الغلام.. ويمضي.. فيغضب موسى عليه السلام .. ويعاتب بلهجة أشد...... 
"أَقَتَلْتَ نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا"............ 
تحول من إمراً إلى نكراً...... 
والكلام صادر عن نبي أوحي إليه.. لكنه بشر مثلنا.. ويعيش نفس حيرتنا.. يؤكد له الخضر مرة أخرى "ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا".. طبعا هنا أصل مهم.. أننا كمسلمون قرأنا القرآن ننظر إلى الصورة من فوق.. فنحن نعرف أن الخضر فعل ذلك لأن هذا الغلام كان سيكون سيئا مع أمه وأبيه.. "وكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا".. والسؤال..... 
هل عرفت أم الفتى بذلك؟ 
هل أخبرها الخضر؟......... 
الجواب لا.. بالتأكيد قلبها انفطر وأمضت الليالي الطويلة حزنا على هذا الفتى الذي ربته سنينا في حجرها ليأتي رجل غريب يقتله ويمضي.. وبالتأكيد.. هي لم تستطع أبدا أن تعرف أن الطفل الثاني كان تعويضا عن الأول.. وأن الأول كان سيكون سيئا.. فهنا نحن أمام شر مستطير حدث للأم.. ولم تستطع تفسيره أبدا..
ثم يصل موسى والخضر إلى القرية.. فيبني الجدار ليحمي كنز اليتامى.. هل اليتامى أبناء الرجل الصالح عرفوا أن الجدار كان سيهدم؟ لا.. هل عرفوا أن الله أرسل لهم من يبنيه؟ لا.. هل شاهدوا لطف الله الخفي.. الجواب قطعا لا.. هل فهم موسى السر من بناء الجدار؟ لا....... 
ثم مضى الخضر.. القدر المتكلم.. بعد أن شرح لموسى ولنا جميعا كيف يعمل القدر والذي يمكن تلخيصه ببساطة كالآتي..
الشر شيء نسبي.. ومفهوم الشر عندنا كبشر مفهوم قاصرلأننا لا نرى الصورة كاملة، فما بدا شرا لأصحاب المركب اتضح أنه خير لهم.. 
وهذا أول نوع من القدر.. 
شر تراه فتحسبه شرا.. فيكشف الله لك أنه كان خيرا.. وهذا نراه كثيرا............. 
النوع الثاني مثل قتل الغلام...... شر تراه فتحسبه شرا.. لكنه في الحقيقة خير.. ولا يكشف الله لك ذلك فتعيش عمرك وأنت تعتقد أنه شر.. مثل قتل الغلام.. لم تعرف أمه أبدا لم قتل...... 
النوع الثالث وهو الأهم.. هو الشر الذي يصرفه الله عنك دون أن تدري.. لطف الله الخفي.. الخير الذي يسوقه إليك.. مثل بناء الجدار لأيتام الرجل الصالح..
فالخلاصة إذن.. أننا يجب أن نقتنع بكلمة الخضر الأولى "إنك لن تستطيع معي صبرا" لن تستطيع يا ابن آدم أن تفهم أقدار الله.. الصورة أكبر من عقلك.. قد تعيش وتموت وأنت تعتقد أنك تعرضت لظلم في جزئية معينة.. لكن الحقيقة هي غير ذلك تماما.. الله قد حماك منها.. مثال بسيط.. أنت ذو بنية ضعيفة.. وتقول أن الله حرمني من الجسد القوي.. أليس من الممكن أن شخصيتك متسلطة.. ولو كنت منحت القوة لكنت افتريت على الناس؟ حرمك الله المال.. أليس من الممكن أن تكون من الذين يفتنون بالمال وكان نهايتك ستكون وخيمة؟ حرمك الله الجمال.. أليس من الممكن انك ذات شخصية استعراضية.. ولو كان منحك الله هذا الجمال لكان أكبر فتنة لك؟ لماذا دائما ننظر للجانب الإيجابي للأشياء؟ ونقول حرمنا الله 
 
استعن بلطف الله الخفي لتصبر على أقداره التي لا تفهمهما.. وقل في نفسك.. أنا لا أفهم أقدار الله.. لكنني متسق مع ذاتي ومتصالح مع حقيقة أنني لا أفهمها.. لكنني موقن كما الراسخون في العلم أنه كل من عند ربنا.. إذا وصلت لهذه المرحلة.. ستصل لأعلى مراحل الإيمان.. الطمأنينة.. وهذه هي الحالة التي لا يهتز فيها الإنسان لأي من أقدار الله.. خيرا بدت أم شرا.. ويحمد الله في كل حال.. حينها فقط.. سينطبق عليك كلام الله "يا أيتها النفس المطمئنة" حتى يقول.. "وأدخلي جنتي"  

ولاحظ هنا أنه لم يذكر للنفس المطمنئة لا حسابا ولا عذابا..
الاجابة
السلام عليكن ورحمة الله وبركاته 
إلى الأخت الكريمة صاحبة السؤال عن المنشور 
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله  وبعد        الأمر الأول : أنه ينبغي أن يعلم فضل نبي الله موسى عليه السلام فهو من أولي العزم من الرسل وهو بلا شك والإجماع أفضل من الخضر فقد أختلف علماء الأمة فيه هل هو نبي أم ولي لله تعالي (أي أنه رجل صالح دون مرتبة النبوة ) وحتي مع القول بأنه نبي فقد قال تعالي تلك الرسل فضلنا بعضهم علي بعض) ومن المعلوم أن أولي العزم من الرسل وهم ( نوح وإبراهيم وموسى وعيسي ومحمد صلي الله عليهم وسلم أجمعين وأفضلهم محمد صلي الله عليه وسلم فهو سيد بني أدم كما ثبت في الصحيح وإن كان الخضر كان عنده من العلم ما لم يكن مع موسي عليه السلام ولذلك قد استنبط العلماء أنه يمكن أن يكون المفضول عنده من العلم ما لا يكون علمه عند الفاضل (الأفضل)     
الأمر الثاني : أن المنشور فيه أن موسي عليه السلام كان يسأل عن القدر وسمي ذلك أسئلة فلسفية وإنما الثابت كما بين المفسرون في التفاسير الصحيحة إنما كان حريصا علي تعلم العلم حينما أوحى إليه الله تعالي أنه يوجد عبدا صالحا هو أعلم منك فإن موسي عليه السلام عزم علي السفر لملاقاته وتعلم العلم النافع منه وليس من أجل أسئلة عن القدر يؤمن بها كل مؤمن يعلم ويوقن بأسماء الله الحسني وصفاته وأفعاله المثلي فضلا عن علم العلماء الربانيين فكيف بمن هو من أفضل المرسلين فكل موحد موقن بأسماء الله الحسني وصفاته أفعاله المثلي يعلم أن الله لا يفعل فعلا ولا يأمر بأمر ولا ينهى عن نهي إلا كان فيه من الحكمة والرحمة والعدل وواسع الفضل ماهو خير للعباد بجلاء وقد يخفي علي بعضهم وذلك مقتضى أسمائه وصفاته فهو الحكيم الرحيم العدل اللطيف إلي آخر أسمائه وما تقتضيه من صفات علا           
الأمر الثالث : أن المنشور يقول إن الخضر رضي الله عنه ليس فقط هو ولي من أولياء الله  ولكنه يمثل القدر نفسه يمثل يد الله التي تغير أقدار الناس وهنا لا بد من توضيح فإن كل خلق من خلق الله  هو سبب لأمر قدره الله علي العباد والله خالق الأسباب ومسبباتها ولنضرب مثل لتوضيح المقصود فالله خلق الذكر والأنثى وجعل من إجتماعهما علي النكاح سببا للذرية ووجود خلق أخر هذا إذا صرف الله الموانع عن الحمل وخلق الشمس والماء  وجعله سببا في وجود الزرع هذا أيضا إذا صرف الموانع والأفات  لإنبات الزرع وخلق أناس وجعلهم سببا في قتل آخرين إلي غير ذلك وكل من السبب والمسبب من أقدار الله والله يحدث ما شاء من أقدار بالأسباب التي هو وحده خالقها فليس الخضر وحده هو القدر كما يقول المنشور وقد قال تعالي ( إنا كل شيء خلقناه بقدر )      
الأمر الأخير : يقول المنشوران الخضر يد الله التي تغير أقدار الناس أولا لا بد أن يعلم أن الله حقيقة له يدان تليقان بجلاله وعظمته والأسلوب معني مجازي يقصد أن الخضر يمثل  قدرة  الله في تحقيق أقدار الله وليس في تغييرها فيجب التنبيه علي ترك مثل هذه الأساليب 
أولا خشية أن يظن بعض الناس أن ما أثبته الله لنفسه من صفات إنما هي معان مجازية فيكفي أن نقول أنه سبب في تحقيق بعض أقدار الله تعالي 
ثانيا أن الأقدار لا تتغير لأن ما قدر قد سبق به علم الله وكتب ولا يمكن أن يغير أما قول عمر رضي الله عنه (نعم نفر من قدر إلي قدر ) حين أبي أن يدخل بجيش المسلمين إلي أرض قد أصابها الوباء فهذا حق فكلنا يجب أن نفر إلي  الله فيما يصلنا وفيما يكون سببا لإصلاح ديننا ودنيانا وإذا احتج علينا بالقدر من يجهل نقول نعم نفر من قدر الله الي قدر الله ونقول بل نعمل الصالحات وكل ميسر لما خلق له أما باقي المنشور فليس فيه شيء خطأ خاص بالقدر


تعقيب من الشيخة على ردها على المنشور السابق

السلام عليكن ورحمة الله وبركاته 
أخواتي الكريمات أستدرك علي ما أرسلته من رد علي المنشور ليتم النفع إن شاء الله تعالي أقول بما يخص تغيير القدر كما عبر المنشور ثبت في الحديث قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد العمر إلا البر ) رواه الترمذي وأصحاب السنن وحسنه الألباني وقد اختلف العلماء هل الدعاء يرد القدر علي وجه الحقيقة أم أنه كما يقول أبو حاتم (دوام المرء علي الدعاء يطيب له ورود القضاء فكأنه رده لقلة حسه بألمه والبر يطيب العيش حتي كأنه يزاد له في عمره بطيب عيشه ) وهكذا قال ابن حبان وغيره والراجح ما ذهب إليه البيهقي وابن تيمية والألباني وعلماء اللجنة الدائمة وغيرهم رحمهم الله جميعا من أن الدعاء هو سبب مشروع فإن دعاء العبد فقد رد قضاء الله بقضاء الله إذا أراد الله تعالي ذلك وكما قال الألباني رحمه الله (فاعلم أن المحو المذكور والزيادة في الرزق والعمر إنما هو بالنيابة للقضاء والقدر المعلق وأما القضاء المبرم المطابق للعلم الإلهي فلا محو ولاتغيير ) 
وقال ابن تيمية رحمه الله ( والأجل أجلان (أجل مطلق) - يقصد المبرم- يعلمه الله تعالي و(أجل مقيد) وبهذا يتبين معني قوله صلي الله عليه وسلم  (من سره أن يبسط له في رزقه وينسى له في أثره فليصل رحمه ) فإن الله تعالي قد أمر الملك أن يكتب له أجل وقال إن وصل رحمه زدته كذا وكذا والملك لا يعلم أيزداد أم لا لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر فإذا جاء ذلك لا يتقدم ولا يتأخر ،
فأصبح من المعلوم أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر وصلة الأرحام التي هي من البر وكل من الدعاء والبر هي أسباب مشروعة وهي من قدر الله إن فعلها العبد فهو يدفع قدر الله بقدر الله وكل من الأسباب ومسبباتها الله تبارك وتعالى خالقها وحده لا شريك له ولا رب سواه

logo