السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إلى الأخت الكريمة صاحبة السؤال
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد :
اختلف أهل العلم في تكرار العمرة في سفر واحد وسواء كان هذا التكرار للنفس أو للغير كالأبوين أو غيرهما سواء كانوا ميتين أو أحياء عاجزين فمن منع أو كره فعل أكثر من عمرة احتج بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك ولا أصحابه رضي الله عنهم فقد فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح في عشرين من رمضان وبقي في مكة آمنا مطمئنا ولم يخرج هو وأصحابه ولا أحد منهم إلى التنعيم من أجل أن يأتوا بعمرة مع أن الزمن هو رمضان ولم يعهد أن أحد الصحابة خرج للتنعيم لعمل عمرة غير عائشة رضي الله عنها وذلك أنها قدمت من المدينة مع النبي صلي الله عليه وسلم وكانت محرمة بالعمرة فحاضت قبل أن تصل إلى مكة فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تحرم بالحج لتكون قارنة ففعلت ومن المعلوم أن القارن ليأتي بأفعال العمرة تامة بل تندرج أفعال العمرة بأفعال الحج فلما انتهي الناس من الحج طلبت عائشة من النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتمر فأمرها أن تخرج مع أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فتحرم بالعمرة ففعلت ولما كان هذا السبب ليس موجودا في أخيها عبد الرحمن لم يحرم بعمرة بل جاء محلا فقالوا هذا خاص بحال معينة وليس فيه دليل علي جواز تكرار العمرة في السفر الواحد والخروج للتنعيم والدخول بعمرة أخري
وقد نقل شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالي أن تكرار العمرة في السفر الواحد مكروه باتفاق السلف . وذلك لأنها عبادة لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقر عليها إلا للسبب الذي ذكرناه ولم يفعلها أصحابه رضي الله عنهم وإن كان خيرا لسبقونا إليه .
أما الذين يجيزون فقد تمسكوا بالحديث الصحيح الذي أذن الرسول صلى الله عليه وسلم فيه لعائشة رضي الله عنها بالخروج للتنعيم والإتيان بعمرة مع أنها كانت قارنة أي أنها أتت بعمرة مع أفعال الحج فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة)
ولذلك لم أريد أن أشق علي الأخت السائلة أنها تريد بعد أفعال الحج أن تأتي بعمرة لأبيها فذكرت لها جواز ذلك لأنه قول بعض أهل العلم وعليه دليل ليس بالضعيف .
وإن كنت أنا، فأنا لا أعدل بسنة نبينا صلى الله عليه وسلم شيء وأميل إلي القول الأول بكراهة تكرار العمرة بالخروج من مكة للتنعيم وأفضل منها الطواف بالبيت والدعاء كثيرا للنفس وللأبوين الميتين فإن الرسول صلي الله عليه وسلم قال ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلي الدعاء للأبوين فعلم أن الدعاء لهما هو خير الأعمال .
ولكن لا أقول بتحريم تكرار العمرة في السفر الواحد