تاريخ النشر : 19-02-2021
المشاهدات : 4069
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
شيختى الحبيبة 
اخوات يسألوا. ان هناك حديث ان النبى صلى الله عليه وسلم قال من شفع لأخيه شفاعة فأهدى له عليها هدية فقبلها فقد أتى بابا عظيما من ابواب الربا 
وهناك حديث اخر 
من أتى اليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له 

وايضا قوله تعالى. هل جزاء الاحسان الا الاحسان 

فكيف الجمع بينهم 

جزاك الله خيرا
الاجابة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته إلي الأخت الكريمة صاحبة السؤال الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد : الحديث المشار إليه ( من أتي إليكم معروفا فكافئوه ... ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح وصححه الالباني
والحديث الثاني ( من شفع لأخيه شفاعة فأهدي له هدية عليها فقبلها فقد أتي بابا عظيما من باب الربا ) رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني . 
أولا لابد أن يعلم أنه لا يمكن التعارض بين آيات القرآن أو بين آحاديث من السنة الصحيحة  أو بين بعض آيات القرآن والسنة الصحيحة وهذه قاعدة معلومة عند أهل العلم قال سبحانه وتعالى (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه إختلافا كثيرا )    وإنما يكون في بعض الأحيان آيات أو آحاديث ظاهرها التعارض، فالواجب علي العامي  في هذه الحالة الرجوع إلي أهل العلم في فهم معانيها ووجه الجمع بينها وعلي طالب العلم النظر مرات ومرات فإن اهتدى لوجه الجمع بينها عرض ما توصل إليه علي أقوال أهل العلم وإن لم يتوصل طالب العلم بعد النظر مرات إلي وجه الجمع فالواجب الرجوع إلي أهل العلم ليبينوا لنا وجه الجمع فيما ظاهره التعارض . 
ومن ذلك هذان الحديثان . 
وقد ذهب أهل العلم إلي أكثر من وجه للجمع بين هذين الحديثين:
الأول : أنه يحرم أخذ هدية علي الشفاعة الواجبة لأنها واجبة ولا يجوز أخذ هدية علي واجب مثل الشفاعة لرد حق لمظلوم أو دفع ظلم عنه . وكذلك لا يجوز أخذ هدية علي الشفاعة في أمر محرم لأنها حرام أصلا ولا يجوز أخذ هدية علي فعل محرم . لكن يجوز أخذ الهدية علي الشفاعة المباحة عملا بحديث من أتي إليكم معروفا فكافئوه وكذلك لقول الله سبحانه وتعالى ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) فيكون قد عمل بالحديثين كل في موضعه . 
وجه الجمع الثاني : أن هذا الحديث موضعه الشفاعة التي عملها الإنسان يريد بها وجه الله تعالي فإنه لا يقبل حينها الهدية لأن ما أريد به الآخرة لا يكون سببا لنيل الدنيا.
وأما حديث (من أتي إليكم معروفا فكافئوه ) في لفظ ( من صنع إليكم معروفا ) فالمراد به ما سوي الشفاعة التي منحت وفعلت لله تعالي ونظرا لما عنده سبحانه . وهذا الجمع ممن قال به الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.  
الوجه الثالث : أن حديث من شفع لأخيه شفاعة فأهدي له عليها هدية فقبلها فقد أتي بابا عظيما من أبواب الربا ) رواه أحمد وأبو داود وحسنه الألباني في سنن أبي داود 
إنما ذلك إن أهديت إليه قبل أن يشفع أو قبل أن ينتهي من شفاعته . مثل من يقرض أخاه قرضا حسنا فيهدي له هدية ( ليس من عادته إهداء مثلها )  قبل أن يقضي القرض فهذا قرض جر نفعا فهو ربا . 
أما من شفع لأخيه وانتهي من شفاعته فحينها لا تحرم وهو موضع قول الله تعالي ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) وكذلك حديث ( من أتي إليكم معروفا فكافئوه ) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الألباني 
وممن قال بهذا الجمع محدث العصر الشيخ الألباني رحمه الله.  
ومن العلماء من قالوا بل حديث من شفع لأخيه شفاعة فأهدي إليه .... ) هو عام في كل شفاعة واجبة أو محرمة أو مباحة 
وحديث ( من أتي إليكم معروفا فكافئوه ) عام مخصص منه الشفاعة والقرض والضمان . 
فمن شفع لأحد أو أقرض أحدا  أو ضمن أحدا لا يجوز له قبول هديته . 
قالوا وذلك لأن الشفاعة أمر يسير لا يجوز إخذ العوض عليه في الدنيا. والشفاعة الحسنة مندوب إليها أو واجبة قال تعالي ( من يشفع شفاعة حسنة يكن له كفل منها ) 
وقال صلي الله عليه وسلم  ( اشفعوا تؤجروا ) رواه البخاري ومسلم 
فأخذ الهدية علي الشفاعة الحسنة يضيع أجرها كما أن الربا يضيع الحلال  . ( عون المعبود بتصرف يسير ) ومن أسباب تشبيه قبول الهدية علي الشفاعة ما قاله الصنعاني في سبل السلام
( الربا هو الزيادة في المال من الغير لا في مقابلة عوض وهذا مثله )  .

logo