وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إلي الأخت الكريمة صاحبة السؤال
الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد : الإباضية فرقة من فرق الخوارج تخالف معتقد أهل السنة والجماعة في أمور كثيرة أهمها نفي صفات الله تعالي نفيا تاما . وفريق منهم يرجعون الصفات إلي الذات فيقولون إن الله عالم بذاته قادر بذاته سميع بذاته فالصفات عندهم عين الذات .
ومعلوم أن الحق وهو معتقد أهل السنة أن الله تعالي عليم بعلم سميع بسمع قادر بقدرة رحيم برحمة يقول ابن القيم رحمه الله ( لاريب أن الله وصف نفسه بصفات وسمي نفسه بأسماء وأخبر عن نفسه بأفعال وأخبر انه يحب ويكره ويمقت ويغضب ويسخط ويجيء ويأتي وينزل إلي السماء الدنيا وأنه استوي علي عرشه وأن له علما وحياة وقدرة وإرادة وسمعا وبصرا ووجها وأن له يدين وأنه فوق عباده ......... )
وبالجملة الإباضية ينفون كل ذلك
فهم ينفون استواء الله بمعني علوه وإرتفاعه علي عرشه
وينفون رؤية المؤمنين لله تعالي في الآخرة .
وخالفوا أيضا معتقد أهل السنة في الشفاعة فهم يقولون أن الشفاعة لاتكون لمن مات مصرا على الكبيرة غير تائب منها. موافقين في معتقدهم معتقد المعتزلة
ومذهب أهل السنة أن الرسول صلى الله عليه وسلم يشفع في عصاة المؤمنين أن لايدخلوا النار ويشفع فيمن دخلها أن يخرج منها بعد إذن الله ورضاه . وثبت أن الله يقبل شفاعة رسوله في ذلك ويقبل شفاعة الصالحين من عباده بعضهم فى بعض .
قال الإمام الآجري رحمه الله ( اعلموا رحمكم الله أن المنكر للشفاعة يزعم أن من دخل النار فليس بخارج منها وهذا مذهب المعتزلة يكذبون بها -إلي أن قال - وليس هذا طريق المسلمين إنما هذا طريق من قد زاغ عن الحق وقد لعب به الشيطان )
وكذلك ذهب بعض الإباضية إلي إنكار عذاب القبر موافقين في ذلك المعتزلة وسائر فرق الخوارج .وذهب قسم منهم إلي إثبات عذاب القبر موافقين معتقد أهل السنة فمن المعلوم أن معتقد السلف جميعا أهل السنة والجماعة ثبوت عذاب القبر ونعيمه كما صحت بذلك النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة
وقد اختلف أهل العلم في حكم الخوارج علي ثلاثة أقوال الأول الحكم بتكفيرهم وممن قال بذلك الصنعاني وقد ذكر ابن حجر جملة من العلماء الذين قالوا بتكفير الخوارج كالبخاري حيث قرنهم بالملحدين .
وأيضا ذهب إلي كفرهم الحافظ أبو بكر بن العربي وغيرهم . وممن اختار تكفيرهم من المعاصرين الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ حامد الفقي في حاشيته علي فتح المجيد .
القول الثاني أنهم فساق لا يكفرون وأنهم كسائر أهل البدع . قال ابن حجر وذهب أكثر أهل الأصول من أهل السنة إلي أن الخوارج فساق وأن حكم الإسلام يجري عليهم لتلفظهم بالشهادتين ومواظبتهم علي أركان الإسلام )
وقال الخطابي فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر ( أجمع علماء المسلمين علي أن الخوارج مع ضلالتهم فرقة من فرق المسلمين وأجازوا مناكحتهم وأكل ذبائحهم وأنهم لا يكفرون ماداموا متمسكين بأصل الإسلام انتهي )
قال النووي في شرح مسلم ( والمذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون والمحققون أن الخوارج لايكفرون كسائر أهل البدع . انتهي )
وقال الشاطبي (اختلفت الأمة في تكفير هؤلاء أصحاب البدع ولكن الذي يقوي في النظر وبحسب الأثر عدم القطع بتكفيرهم والدليل عليه عمل السلف الصالح فيهم انتهي )
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ( ومما يدل علي أن الصحابة لم يكفروا الخوارج انهم كانوا يصلون خلفهم وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنه وغيره من الصحابة يصلون خلف نجدة الحروري وكانوا أيضا يحدثونهم ويخاطبونهم كما يخاطب المسلم المسلم كما كان عبد الله بن عباس يجيب نجدة الحروري لما أرسل إليه يسأله عن مسائل وحديثه في البخاري .......... )
وفي الجملة وإن كان الراجح عدم كفر الفرقة الإباضية إلا أننا لا ننصح أبدا أحدا من أهل السنة رجلا أو امرأة أن تتزوج أحدا من أهل البدع مخافة أن يذهب بمعتقده فإن عليا رضي الله عنه كان قاتله أولا رجل من أهل السنة تزوج خارجية علي أن يهديها لمعتقد أهل السنة فذهبت به -أي ذهبت بمعتقده إلي البدعة -
فمن خاف علي دينه وعقيدته لا يخالط أهل البدع فكيف بمخالطة الزوجة هذا أشد خاصة لمن لم يرسخ في الدين والإعتقاد وليس عنده من العلم ماةيدفع به جهالة الجاهلين ولاشبه المبطلين .
يجوز أن ندعو لكل من مات من أهل القبلة ولأن الراجح أن غالب طوائف الخوارج مسلمون -عدا بعض طوائف منهم بدلت الشرائع ويؤمنوا أنه سيأتي رسول بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فهؤلاء لا شك في كفرهم - ولأن الراجح أنهم مسلمون فيجوز الدعاء لمن مات منهم بالرحمة والتجاوز عنهم خاصة إن كان من الجهال