السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخت الكريمة صاحبة السؤال ... الحمد لله الصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن اهتدى بهديه ...أما بعده؛
أولاً لابد من ذكر بعض التعريفات البسيطة حتى يتضح الأمر من ناحية الحكم الشرعي.
اليمين هو قيام المسلم بالقسم على أمر من الأمور المستقبلية بلفظ من ألفاظ القسم المعتبرة شرعاً بأن يقسم باسم من أسماء الله عز وجل أو بصفة من صفات الله عز وجل، وأيضاً هذا القسم يحرم الإنسان على نفسه ما أحل الله له ( يحرم الشيء على نفسه بعد ما كان حلال ) كأن يقسم إنسان أن لا يأكل اللحم مع أن هذا اللحم لحم حلال قد ذكر اسم الله عليها أي أنها ذبيحة حلال مباحة.....لكن هو حرمها على نفسه فلا يريد أن يأكل منها ،و مثلا يحرم أن يقترب من زوجته يومين أو ثلاثة فيقول مثلا حرمتك على نفسي يومين أو ثلاثة أيام ، هذا التحريم يعد قسم وهذا النوع من القسم هو الذي عاتب فيه رب العالمين رسوله صل الله عليه وسلم في سورة التحريم قال تعالى( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) لآخر الآيات.،.وبعد ذلك قال الله تعالى (قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).
والتحريم هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلاً، فتواصيتُ أنا (أي أمنا عائشة) وحفصة إن دخل النبي صلى الله عليه وسلم على واحدة منا فلتقل إني أجد منك ريح مغافير.. أكلت مغافير، فدخل على إحداهما فقالت له ذلك، فقال: لا، بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ، ولن أعود له، فنزلت:يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم :1]. إلى:{ إن تتوبا إلى الله} لعائشة وحفصة ، {وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثاً} لقوله: {بل شربت عسلاً.}
فالنبي صلى الله عليه وسلم حين حرم على نفسه ذلك رب العالمين قال قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم مع أنه لم يحلف وحرم على نفسه أن يأكل هذا الطعام مثلاً أو هذا الشيء وهو العسل، فهذا يسمى كله قسم.
وهناك قسم فيه كنايات: يعني في قسم يكون بالكناية مثل ماذا؟ أولا هناك كلام يمكن أن يكون كناية إذا نوى به المقسم القسم صار قسماً :كأن يقول مثلاً للإنسان أشهد الله أني لن أفعل كذا وكذا أو الله وكيل علي أني لن أفعل كذا وكذا أو أشهد الله علي أني لن أفعل كذا وكذا، هذه من ألفاظ الكنايات إن نوى بها قسم كانت قسماً لأنه أمر من الأمور المتعلقة بأفعال الله عز وجل القدرية الكونية أو بصفة من صفات الله عز وجل ويريد بها المقسم تأكيد المقسم عليه.
فلذلك رأى بعض أهل العلم أن ذلك إن كان بنية القسم فهو يقع قسماً ويجب إن حنث فيه المقسم عن القسم يجب أن يكفر كفارة يمين.
وعليه بعض أهل العلم قالوا أن كذلك لفظ أن إنسان يقول كما قالت الأخت هذه اللفظة (ليأخذني الله عز وجل إن لم تأخذي ذلك) هذا الفعل من أفعال الله عز وجل القدرية الكونية وهو أن يأخذها الله عز وجل ، فإن قصدت به اليمين فهو يمين على قول بعض أهل العلم ،وإن حنثت أو لم تفعل الوالدة ما أقسمت هي عليه بنية القسم فعليها كفارة يمين. أما إن كانت تقصد أن تدعو على نفسها حتى إن كان بنية أنها تلزم والدتها بذلك وليس بقصد أن هذا أمر من أمور الله القدرية الكونية المتعلقة بفعل الله تعالى تعظيما لله عز وجل وبنية الإقسام على الوالدة فلا يكون قسما وبالتالي هي ظني الغالب أو هي حسب ما كان في نيتها إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى. والقسم من اليمين، فالقسم واليمين من الأعمال فهو على نيتها فإن كانت نوت به اليمين وهو من أفعال الله عز وجل القدرية الكونية أن يأخذها الله عز وجل فهو تعظيما لله عز وجل ولأفعال الله عز وجل فهو إن كانت نوت به القسم فهو قسم وعليها كفارة يمين لأن الوالدة لم تأخذ المال الذي طلبت منها أن تأخذه.
والله أعلم.