رقم الفتوى : 952
تاريخ النشر : 04-02-2025
المشاهدات : 28
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيختي الحبيبة   
   كيف حالك، لعلك تكوني بخير بفضل الله
معلمة كانت ترسل دروس في مقاطع صوتية ثم طلبت من طالباتها أن يقسمن ألا يسمع صوتها الرجال، ثم بعد ذلك أباحت ذلك، فهل على من أقسمت إذا نشرت هذه المقاطع بعد سماح المعلمة بذلك كفارة يمين ؟
جزاك الله خيرا معلمتنا الحبيبة
الاجابة
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته   
        إلي الأخت الكريمة صاحبة السؤال 
    الجواب : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد : 
      الأخت أو الأخوات اللاتي أقسمن أن لاويسمعن صوت المعلمة للرجال ثم بعد الإذن أسمعن صوتها للرجال الواجب على كل واحدة منهن كفارة يمين لأنها يمين منعقدة تجب فيها الكفارة قال ابن قدامة في الكافي في فقه الإمام أحمد واليمين على أربعة أضرب :
الأول : يمين منعقدة تجب الكفارة بالحنث فيها وهي اليمين على مستقبل متصور  عاقدا عليه قلبه فتوجب الكفارة لقول الله تعالي (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان )  
وفي المغني لابن قدامة (ومن حلف أن يفعل شيئا فلم يفعله أو لا يفعل شيئا ففعله فعليه الكفارة لا خلاف في هذا عند فقهاء الأمصار قال ابن عبد البر اليمين التي فيها الكفارة بإجماع المسلمين   هي التي علي المستقبل من الأفعال) انتهي من المغني (445/13) 
  
وسؤالك أن من حلفتك قد تراجعت وأذنت في فعل المحلوف علي تركه فهل إذنها مسقط للحنث والكفارة ؟ 
وأنقل لك كلام أهل العلم فيمن حلف علي فعل شيء ثم حصل مانع خارج عن قدرته وإرادته فلم يستطع فعل ما حلف عليه ؟ وهذه المسألة أشد بكثير من سؤالك لأن هنا وجد الإذن من الأخت  بعد الحلف فعلا على عدم إسماع صوتها للرجال وحين الحلف لم تحدد مدة معينة كشهر أو سنة - أو حالة معينة  مثل حتى تأذن المعلمة - 
 اختلف أهل العلم فيمن منعه مانع لم يستطع معه فعل ما حلف عليه هل يحنث أم لا ؟
على قولين : الأول : يحنث وعليه الكفارة وهو مذهب الحنابلة وأحد قولي الشافعي. 
والقول الثاني : لا حنث عليه لأنه فقد الفعل بغير اختياره وهو قول الجمهور . 
قال ابن قدامة شارحا قول الخرقي ( ولو حلف أن يضرب عبده في غد فمات الحالف من يومه فلا حنث عليه وإن مات العبد حنث ) 
 إذا مات العبد من يومه فإنه يحنث وهذا أحد  قولي الشافعي. 
ويتخرج أن لا يحنث وهو قول أبي حنيفة ومالك والقول الثاني للشافعي لأنه فقد ضربه بغير اختياره فلم يحنث كالمكره والناسي ... انتهي من المغني لابن قدامة (585/9) 
وقول الجمهور أرجح لأن البر والحنث في اليمين نظير الطاعة والمعصية في الأوامر والنواهي فإذا كان يفعل المعصية أو يترك الواجب لسبب خارج عن إرادته وقدرته -كالمكره والناسي ومن منعه مانع ليس في قدرته - لا يعد عاصيا فكذلك الذي لا يبر بيمينه لسبب خارج عن إرادته وقدرته لا يكون حانثا . 
ومسألتك علي غير ذلك لأن غاية ما فيه أن المعلمة أذنت لك في الإسماع للرجال فلو أسمعتي الرجال لا يعد خيانة للأمانة ويعد حنثا لليمين لأنك رأيت غيرها خيرا منها فيجب عليك كفارة يمين . 
وهو نظير أن تقسم المعلمة نفسها أن لا تسمع  صوتها الرجال ثم ترى من الخير أن تسمع بعض الرجال للفائدة فإنه يجب عليها الكفارة إذا حنثت فلا فارق بين إذنها لك بعد القسم وبين أن ترى هي أنه من المصلحة أن تسمع صوتها الرجال إن أقسمت هي ففي المسألتين تجب الكفارة في الحتث لعدم الفارق

logo